الأربعاء، 12 أغسطس 2015

"أتذكرك / I Remember You" النهاية...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 




منذ دقائق أنهيت آخر حلقات "أتذكرك / I Remember You".. تلك الدراما متقنة الكتابة والإخراج والتمثيل...
دراما استطاعت منذ اللحظة الثانية أن تأثرني وتجعلني أتغلب على غرابة لحظتها الأولى.. وإلى النهاية جعلتني أشعر بالفخر بها... !
 

يبدو أن صناع الدراما الكورية عليهم أن يصنعوا تصنيفا جديدا للدراما.. لا أدري ماذا يمكن أن أسميه.. ولكني أعرف أي دراما ينبغي أن تكون فيه.. مثل: "أسمع صوتك / I Hear Your Voice" و"الفضيحة / Scandal: A Shocking And Wrongful Incident" و"يوم الميلاد الأبيض / White Christmas" وغيرها... 


تلك الدراما التي تتحدث عن العدالة.. وعن أحقية الأخذ بالثأر أو اتباع القوانين التي يضعها المجتمع.. الدراما التي تتعمق في محاولة فهم منظومة القيم الخاصة بالمجتمع.. وكيف يمكن أن يكون هناك تعارض أحيانا بينها وبين تلك التي يكونها كل فرد على حدى.. بل والأفضل أنها في كل مرة تؤكد لنا أن الأمر اختيار حر للفرد مهما كان في المجتمع من قصور.. أو مهما أحاطت به قسوة الظروف...

على سبيل المثال.. هنا في دراما "أتذكرك" كان الصراع بين اثنين من العباقرة.. اثنين كان لهما نفس السؤال الأول: "لماذا يؤذي الناس بعضهم البعض؟ لكن لماذا أيضا لا يُسمح للناس أن يؤذي بعضهم البعض... ؟!"... 

لكن إجابة كل واحد منهما كانت مختلفة.. وبالتالي كان اختيارهما أيضا مختلف.. فهناك من اختار الباب الخلفي (لي جون يونغ) وهناك البطل (هيون) الذي اختار الباب الأمامي... 


وكان هناك أيضا (مين) ذلك الفتى الذي استطاع رغم بشاعة ما فعل أن يجعل قلبي يرق له.. والذي اعترف هو أيضا بالمناسبة أن ما فعله كان اختياره هو.. وليس بسبب الحادثة التي وقعت حين مقتل أمهما... 


كذلك كانت هناك (جي آن).. الشخصية الوحيدة ضمن الشخصيات الرئيسية التي كانت تمثل الشخص العادي.. فلا هي فائقة الذكاء.. ولا هي من الغباء بحيث تتغلب عليها مشاعرها وتأخذ ثأرها بيدها.. صحيح أنها فكرت في ذلك.. وصحيح أنها رفعت مسدسا في وجه (جون يونغ) في لحظة ما.. ولكن أظن هذا من حقها وهو من طبيعة المشاعر البشرية.. لكن المهم هو أنها اختارت ألا تخطئ...


في الواقع كانت هناك نماذج عديدة لغالبية الشخصيات التي يمكن أن تراها في صراع بين الخير والشر.. لكن ميزة دراما "أتذكرك" هي أنها وضعت كثير من تلك الشخصيات في حالة صراع داخلي بين "هل أفعل الصح أم الخطأ".. وهذا هو الشيء الأكثر أهمية في أي دراما تندرج تحت ذلك التصنيف برأيي.. ذلك لأننا جميعا ندخل مع أنفسنا في ذلك الصراع.. لكن الكثير للأسف يخرج منه مهزوم.. مهزوم بمعنى أن الكثيرين في مجتمعاتنا يتبعون القوانين لمجرد أنها هناك.. وليس عن اقتناع حقيقي بأهمية وجودها...



كذلك تحدثت دراما "أتذكرك" عن نقطة مهمة لا أذكر أني رأيتها في عمل سابق بهذا الشكل.. نقطة "هل المجرم كائن خالص من الشر المطلق؟!".. 


 فإذا فكرنا قليلا في شخصية (لي جون يونغ) سنجد أنه اختار أن يعمل كطبيب شرعي.. وقد أوضحت الدراما أن دوره كان حاسما ومهما في كثير من القضايا.. بصفته يعرف دهاليز عقول القتلة والمجرمين.. فقد كان هو الأقدر على كشفهم.. لكن هذا بطبيعة الحال لا يعني أنه شخص جيد أو خير.. وقد أوضح الكاتب ذلك جيدا في المشهد الذي تذكر فيه (هيون) حديثه إليه.. عندما قال له (جون يونغ) ما اختصاره: "أنت مثلي، لكن بوسعك أن تختار طريقك" وهذا معناه أن (جون يونغ) أقدم على ما فعل كاختيار وليس كإجبار أملته عليه طبيعته السايكوباتية...  


أيضا كان هناك ذلك المشهد الذي تساءلت فيه (جي آن) عم إذا كان من الممكن أن تلتقي بـ(هيون) من دون وجود (جون يونغ).. بمعنى.. هل أتى خير من وجود (جون يونغ) في حياتها.. بحيث أنه جمعها دون أن يقصد بالشخص الذي أحبته... ؟
ولكن جاءت الإجابة نافية ذلك.. حتى أنها تخيلت كيف كانت لتكون حياتها هي و(هيون) و(مين) أسعد من دون وجود (جون يونغ)... !! 


لكن برأيي.. ربما لأنه شيء نابع من إيماني بالقضاء والقدر.. فذلك السؤال "ماذا لو" ليس في محلة.. لأن كل ما حدث بخيره وشره كان مكتوب له أن يحدث ولو اجتمع كل مخلوقات الأرض على تغييره لما استطاعوا إلا بدعاء.. هذا في حال كنا نتكلم عن موقف حدث حقيقة وليس قصة مؤلفة...
ومع ذلك فقد كان للسؤال أهميته.. أهمية تكمن في أننا بالفعل نتساءل أحيانا "ماذا لو".. وكذا فنحن حتى عندما نفكر في "ماذا لو".. فالإجابة واحدة.. وهي أن الإنسان قادر على الاختيار.. وأنه لا ينبغي له أن يقترف الشرور حتى وإن كان لا يفهم لماذا.. هذا لأن الخطأ خطأ.. حتى وإن كنا لا ندرك أن لكل خطأ تبعات...




باختصار.. دراما "أتذكرك" دراما تستحق فعلا جزء صغير من ذاكرتنا كي تخلد فيه إلى الأبد.. إنها دراما من القلائل التي تستحق فعلا أن توصف بأنها رسالة مرسومة بإبداع...
فشكري للكاتب (كون كي يونغ).. والعاملين على "أتذكرك"... 
.
.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق